كوالالمبور/23 إبريل/نيسان //برناما//-- بمناسبة الذكرى الـ50 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين ماليزيا والصين في العام الماضي، تزايد الاعتراف بلغة الملايو باعتباره أحد الأصول الدبلوماسية المهمة في تعزيز العلاقات الثنائية، لا سيما من خلال التبادل الشعبي، والتعاون الاقتصادي، والمشاركة الإقليمية.
فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1974م، نجح الجانبان في ترسيخ روابط قوية في مختلف القطاعات، بما في ذلك التجارة، والثقافة، والتعليم. ومن بين المبادرات التي تم تنفيذها، تأسيس "كرسي الدراسات الملايوية" في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين عام 2007م، والذي أُعيدت تسميته عام 2024م ليُعرف باسم "كرسي السلطان إبراهيم للدراسات الملايوية".
وفي ظل تنامي الاهتمام بالتبادل اللغوي والثقافي، يُعد تعزيز الفهم المتبادل من خلال هذه القنوات وسيلة فاعلة لدعم الشراكة المستدامة بين البلدين.
وفي هذا الصدد، صرّح الدكتور /أوه إي سون/، المستشار الرئيسي بمركز بحوث المحيط الهادئ الماليزي، بأن هذه المبادرة تتوافق مع أحد الأركان الأساسية لمبادرة الحزام والطريق، والمتمثلة في تعزيز التواصل بين الشعوب.
وقال لوكالة برناما: "اللغة هي جوهر الثقافة، ومن ثم فإن التبادل اللغوي والثقافي يعزز العلاقات ويمهّد لتعاون أكثر فعالية على المدى الطويل".
وعند سؤاله حول ما إذا كانت جهود ماليزيا للترويج للغة الملايو في الصين تُعد نوعًا من "القوة الناعمة"، قال: "نعم، يمكن اعتبارها كذلك، فهي على الأقل تساهم في زيادة عدد الناطقين بالملايوية في الصين، الأمر الذي يسهل التفاعل الثنائي مستقبلًا في مجالات الاقتصاد والتواصل والسياحة".
ومن جهته، شدّد جلالة الملك الماليزي السلطان إبراهيم، في مناسبات مختلفة، على أهمية تعزيز العلاقات التعليمية والثقافية بين ماليزيا والصين، مشيرًا إلى أهمية توسيع برامج تبادل الطلبة وإرسال المزيد من الطلاب الماليزيين للدراسة في الصين.
كما أعرب جلالته عن دعمه لمبادرة الدراسات الملايوية في الجامعات الصينية، مؤكدًا أن اللغة تلعب دورًا محوريًا في تقوية العلاقات الثنائية وتعزيز الفهم المتبادل.
ومن جانبه، دعا الدكتور /أوه/ إلى تنفيذ برامج لغوية وثقافية شاملة، تشمل دورات تعليم اللغة، وبرامج التعايش الثقافي، والتدريب الصناعي، لضمان استدامة هذه الجهود وتأثيرها الإيجابي طويل الأمد.
وأضاف: "الصين كانت ولا تزال ترحب بمثل هذه المبادرات من ماليزيا، خاصة تلك التي تساهم في تأهيل متحدثين بلغات جنوب شرقي آسيا".
وفي السياق نفسه، قالت الأستاذة المشاركة الدكتورة /سالينا جعفر/، منسقة برنامج اللغويات الملايوية بجامعة /مالايا/ الماليزية، إن ارتفاع الاستثمارات الصينية في جنوب شرقي آسيا أدى إلى زيادة الطلب على كوادر بشرية تتقن لغة الملايو.
وأشارت إلى أن السياسات التعليمية في الصين تشجع كذلك على تعلم لغات دول رابطة آسيان، بما يتماشى مع مبادرة "طريق الحرير البحري للقرن الـ21" التي أطلقها الرئيس الصيني /شي جين بينغ/ في عام 2013م.
وأكدت أن هذا التوجه ترك أثرًا واضحًا على المؤسسات التعليمية الصينية، حيث بدأت العديد منها بتقديم برامج دراسية مرتبطة بماليزيا، مما زاد من رغبة الطلبة في كلا البلدين بالمشاركة في برامج التبادل الأكاديمي.
وأضافت: "الاهتمام المتزايد بالثقافة الملايوية في الصين، بما في ذلك الموسيقى، والأفلام، والأدب، أساهم في ارتفاع أعداد الملتحقين ببرامج ودورات لغة الملايو، ما يدعم تعزيز العلاقات الثنائية الثقافية والتعليمية. ولم يعد تعليم اللغة الملايوية في الصين مجرد ظاهرة محلية، بل أصبح يُنظر إليه باعتباره جزءًا من الاعتراف العالمي بتعددية اللغات والثقافات".
وعلى صعيد الإعلام، أشار الصحفي في مجموعة الصين الإعلامية /أحمد فوزان عزمي بن عبد الهليل/، إلى وجود طلب متنامٍ على المحتوى باللغة الملايوية، خصوصًا بين الطلاب الصينيين وأولئك الذين أقاموا في ماليزيا من قبل.
وأوضح أن من بين أبرز استراتيجيات تعزيز التبادل الثقافي واللغوي بين البلدين عبر الإعلام، هو الإنتاج المشترك وبرامج تبادل الصحفيين، لما لها من أثر فعّال في بناء الثقة وتعميق التفاهم بين الشعبين.
وأضاف: "أنا واثق من أن مستقبل التبادل اللغوي والثقافي بين ماليزيا والصين، خاصة عبر المنصات الإعلامية، سيكون واعدًا في ظل انفتاح السياسات، وتعزيز التعاون، واستمرار المبادرات الثنائية. كما أن تبادل الكوادر البشرية في مختلف القطاعات يتيح لكل طرف فهماً أعمق للآخر، ويساهم في ترسيخ التصورات الإيجابية المتبادلة".
وكالة الأنباء الوطنية الماليزية - برناما//ن.ع س.هـ