كوالالمبور/ 26 سبتمبر/أيلول//برناما//-- صرّح خبير اقتصادي ماليزيا بأن اختتام مفاوضات الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة قبل زيارة فخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أكتوبر/تشرين الأول المقبل أمرٌ بالغ الأهمية بالنسبة إلى ماليزيا، سواء كان لحماية صادراتها التي تُقدر بمليارات الدولار أو لتعزيز مكانتها بوصفها دولة تجارية موثوقة وتطلعية.
وحذر «محمد صديق جانتان» من أن التأخير في التوصل إلى اتفاق تجاري يمكن أن يعرض الاقتصاد الماليزي للرسوم الجمركية العقابية ويقوض موقفه التفاوضي.
حاء ذلك في حديثه لوكالة برناما اليوم، الجمعة، وأضاف: "أن تأمين الاتفاق قبل مؤتمر القمة ليس تخطيطياً فحسب، بل ضرورة إستراتيجية، إذ تبنت الولايات المتحدة بشكل متزايد "ميزة المحرك الأول" في السياسة التجارية.
وأوضح: "تكافئ الولايات المتحدة أولئك الذين يبرمون الصفقات مبكرين، في حين تترك المتخلفين عرضة للتعريفات العقابية والتدقيق المتزايد. في هذا السياق، التوقيت هو كل شيء".
جاء ذلك تعليقًا على دعوات البلدين إلى اختتام المحادثات التجارية قبل مؤتمر قمة رابطة دول آسيان في وقت لاحق من أكتوبر/تشرين الأول 2025م.
وأوضح أن التأجيل يمكن أن يكشف عن نقاط الضعف الهيكلية، مما يخاطر ليس فقط بخسائر فورية في الصادرات وبل أيضاً ترسيخ أعمق للتبعية التي من شأنها أن تقوض السيادة الاقتصادية والقدرة التفاوضية طويلة الأجل.
في حين أكد وزير الاستثمار والتجارة والصناعة الماليزي «تنغكو ظفرول عبدالعزيز»، الذي أجرى مباحثات ثنائية مع الممثل التجاري الأمريكي «جاميسون جرير»، أن ماليزيا والولايات المتحدة تستهدفان اختتام محادثات التعريفة الجمركية قبل زيارة الرئيس «ترامب» في أكتوبر/تشرين الأول إلى كوالالمبور لحضور قمة رابطة آسيان.
كان «جرير» يوجد في كوالالمبور لحضور المشاورات بين رابطة دول آسيان والولايات المتحدة في الاجتماعات الجارية لوزراء الاقتصاد الـ57 والاجتماعات ذات الصلة.
ومن جانبه، وصف كبير الاقتصاديين في بنك "معاملات" الإسلامي الماليزي الدكتور «محمد أفزانزام عبدالرشيد» المحادثات الوشيكة بأنها مشجعة، مما يعكس الزخم نحو نتيجة "مربحة للجانبين".
وذكر: "عندما يتم تخفيض الرسوم من 25 بالمئة إلى 19 بالمئة، فإن هذا يشير إلى أن كلا الجانبين جادّ. إنها مفاوضات حية، لكن هذا مؤشر إيجابي على أنه يمكن تحقيق حل وسط، مما قد ينشط التجارة الثنائية من حيث الدخل والاستثمار بين ماليزيا والولايات المتحدة".
كما أشار «محمد أفزانيزام» إلى أن الولايات المتحدة تسعى للوصول إلى الأسواق، لا سيما فيما يتعلق بالحواجز غير الجمركية، كما ورد في تقرير مكتب الممثل التجاري الأميركي في إبريل/نيسان 2025م.
يسرد التقرير الحواجز التجارية التي يواجهها المصدرون الأمريكيون، بما في ذلك التعريفات الجمركية والإجراءات غير الجمركية على الخمور والدواجن ولحوم البقر وتفضيلات المشتريات الحكومية والملكية الفكرية وقوانين الإنترنت وقواعد الأسهم المحلية.
وأضاف أن التعاون في الصادرات الزراعية، بما في ذلك اللحوم الحلال المعتمدة من الولايات المتحدة، يمكن أن ينفع كلا الجانبين، ويدعم المزارعين الأمريكيين مع تعزيز الأمن الغذائي الماليزي.
وأوضح: "شكلت شهادة الحلال تحدياً لمصدري اللحوم الأمريكيين الذين يسعون للوصول إلى السوق الماليزية. وإذا تم حل ذلك، يمكن للمزارعين الأمريكيين دخول أسواق جديدة، بينما ستستفيد ماليزيا من إمدادات أوسع من اللحوم المستوردة، مما قد يؤدي إلى خفض الأسعار".
وسلط محمد صديق الضوء على أن الاتفاق في الوقت المناسب من شأنه أن يحمي قطاعي أشباه الموصلات والأدوية في ماليزيا من الزيادات المحتملة في التعريفات الجمركية مع ترسيخ سمعة البلاد بوصفها مشاركًا استباقيًّا في دبلوماسية التجارة العالمية.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة استوعبت ما يقرب من 15 بالمئة من صادرات ماليزيا في العام الماضي، بقيمة تزيد على 43 مليار دولار أمريكي، حيث تمثل أشباه الموصلات حصة كبيرة من شحنات ماليزيا والإمدادات العالمية.
وتابع: "التأخير يخاطر بترك تلك الصناعات تحت رحمة مراجعات واشنطن التي يحركها الأمن. ومن شأن الاتفاق الوقائي أن يفرض سقوفًا للرسوم الجمركية ويقتطع قطاعات للقطاعات الإستراتيجية مثل أشباه الموصلات والمستحضرات الصيدلانية، مما يوفر للمصدرين عزلاً لم يؤمنه منافسون مثل فيتنام".
وأضاف أن الإغلاق المبكر سيمنع صدمة التصدير بقيمة عدة مليارات من الدولارات مع تعزيز مكاسب الكفاءة من تخصص ماليزيا في التكنولوجيا عالية القيمة. من منظور الأعمال، هذا من شأنه أن يشير إلى أن ماليزيا تضع شروط المشاركة بدلاً من الرد السلبي.
يقدر المستثمرون العالميون القدرة على التنبؤ، والتي يمكن تعزيزها من خلال شركات أمريكية مثل /إنتل/ التي تلتزم بمليارات الدور لولاية بينانغ الماليزية، وشركة بتروناس العملاقة الماليزية للانخراط في عقود كبيرة للغاز الطبيعي المسال.
ورأى محمد صديق أنه من خلال وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق ثنائي قبل مؤتمر القمة، ستعرض ماليزيا رسالة واضحة عن القيادة البناءة لأقرانها في رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان).
وبوصفها رئيس رابطة دول آسيان لعام 2025م، لا تضع ماليزيا نفسها مستفيدة من الثنائية البراغماتية فحسب، بل أيضًا مدافعة عن الإستراتيجيات التي تعزز المرونة الإقليمية مع الحفاظ على مركزية رابطة آسيان في المنتديات المتعددة الأطراف الأوسع نطاقًا.
وذكر: "وتحت راية" الشمولية والاستدامة"، يمكن لماليزيا أن تبني جسراً بين المصالح الوطنية والأولويات الإقليمية".
وأضاف أنه من خلال دفع مثل هذه المبادرات، بما في ذلك مقترحات لقمة رابطة دول آسيان والولايات المتحدة، تؤكد ماليزيا على دورها بوصفها داعيًا محايدًا وسط تزايد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين.
"هذا لا يعزز قوتها الناعمة فحسب، بل يعزز كذلك موقف المفاوضة الجماعية للكتلة، ويشجع أقرانهم على النظر إلى الثنائية كأداة لتعزيز تماسك رابطة دول آسيان بدلاً من إضعافه"، على حد تعبير الخبير.
وكالة الأنباء الوطنية الماليزية- برناما//ب.ع م.أ