أخبار

تحليل: على آسيان أن تظلّ مسؤولة عن مصيرها وهي ترسم مستقبلها

01/12/2025 03:59 PM

كوالالمبور/ 1 ديسمبر/كانون الأول//برناما//-- يرى محللون أن رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) يجب أن تظلّ مسؤولة عن مصيرها وهي ترسم مستقبلها، في ظلّ تأكيد التكتل المتزايد على دوره على الساحة العالمية.

وأشاروا إلى أن رئاسة ماليزيا للرابطة عام 2025م قد عززت مصداقية الرابطة ونفوذها، ورسخت مبادئها المتمثلة في المركزية والحياد والعمل الجماعي.

إنّ الموقف الدبلوماسي المتوازن وغير المنحاز للرابطة يضعها جهةً فاعلةً رئيسيةً في ظلّ نظام عالمي متزايد التشرذم، مما يعزز دورها محركاً للسلام والاستقرار والازدهار في جنوب شرق آسيا.

اختتمت القمة الـ 47 لآسيان عامًا محوريًا لرئاسة ماليزيا للرابطة، محققةً العديد من الإنجازات البارزة، أبرزها انضمام تيمور الشرقية عضواً الـ 11 في التكتل - وهو أول توسعٍ له منذ 26 عامًا - وهو إنجازٌ يُنظر إليه على نطاقٍ واسع على أنه يُكمل التمثيل الجغرافي لمنطقةٍ تضم أكثر من 700 مليون نسمة.

كما اعتمد قادة الرابطة رؤيةَ مجتمعِ آسيان 2045م، وهي استمرارٌ لسياسةٍ طموحةٍ تُمثلُ نموذجًا يُهدفُ إلى تعميق التكامل الإقليمي وبناء مستقبلٍ مشتركٍ أكثر ازدهارًا ومرونة.

شهد هذا العام تعمقَ مشاركةِ الرابطة مع دول الجنوب العالمي، مُؤكدةً على الأهمية المتنامية للمنطقة وتوسيع نطاقها الدبلوماسي.

ومن أبرز الأحداث الأخرى استضافة ماليزيا للقمة الافتتاحية لآسيان ومجلس التعاون الخليجي والصين في مايو/أيار، والتي عكست بوضوحٍ مرونةَ الرابطة وبصيرتها الاستراتيجية في مواجهة التحديات الجيواقتصادية المتغيرة.

انعكس تعزيز مكانة آسيان العالمية بشكل أكبر في مشاركة الرئيس البرازيلي /لويس إيناسيو لولا دا سيلفا/ ورئيس جنوب إفريقيا /سيريل رامافوزا/ في القمة الـ 47 لآسيان والقمم ذات الصلة في أكتوبر/تشرين الأول، بالإضافة إلى انضمام الجزائر وأوروغواي وفنلندا إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا (TAC).

على مدى ما يقرب من ستة عقود، ساهم التزام آسيان الراسخ بمركزيتها وإطارها الأمني ​​الإقليمي في الحفاظ على جنوب شرق آسيا منطقةَ سلامٍ ونموٍ، مما وجّه دورها في الشؤون العالمية.

وبقيادة رئيس الوزراء أنور إبراهيم، لفتت ماليزيا انتباه العالم مجددًا إلى ديناميكية هذه الكتلة الإقليمية، مما جعل الرابطة جهة فاعلة رفيعة المستوى ومستقلة وشاملة في ظل نظام عالمي متزايد التشرذم.

قال الدكتور محمد توفيق يعقوب، المحلل في الشؤون الدولية بجامعة مالايا، إن رئاسة ماليزيا للرابطة عززت الأهمية الاستراتيجية للكتلة الإقليمية التي تضم الآن 11 عضوًا، مما عزز مصداقيتها على الساحة العالمية.

وأشار إلى أن تفاعل قادة العالم مع الرابطة - بمن فيهم ممثلون من الولايات المتحدة والصين والأمم المتحدة ودول الجنوب - يعكس اعترافًا واسعًا بالموقف الدبلوماسي المتوازن وغير المنحاز للرابطة.

ومع ذلك، أكد على أهمية تمسك الرابطة بمبدأ المركزية والحياد.

"أعتقد أن آسيان قادرة على الحفاظ على حيادها. واليوم، نرى ماليزيا، بصفتها رئيسة الرابطة، تنجح في وضع المنظمة نقطةً ارتكازٍ سياسيةً بين الكتلتين الغربية والشرقية.

وصرح لوكالة برناما قائلاً: "في الواقع، يحترم قادة العالم آسيان ويعترفون بحيادها. لقد كرّس ميثاق آسيان مبدأ الحياد هذا، ولكن يجب على كل دولة عضو تعزيزه وإظهاره طوال فترة رئاستها للرابطة".

وفيما يتعلق بميانمار، قال إن فترة رئاسة ماليزيا الدورية للرابطة شهدت تقدمًا تدريجيًا في جهود السلام.

وفي أواخر أكتوبر، نُقل عن أنور قوله إن جهود آسيان الجارية، بما في ذلك سلسلة من الاجتماعات والحوارات مع قادة ميانمار، قد نجحت في الحد من عدد حوادث العنف في عدة مناطق.

وأضاف: "علاوة على ذلك، لم يُغفل رئيس الوزراء أنور قط قضية ميانمار، ولا تزال ميانمار تشارك في مختلف أنشطة آسيان، بما في ذلك مؤتمرات القمة".

وأعرب توفيق عن اعتقاده بأن على آسيان أن تلعب دورًا أكثر فاعلية في هذه العملية، وأن تساعد ميانمار على تنفيذ الإصلاحات السياسية بما يتماشى مع إجماع النقاط الخمس.

وبدوره، قال رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية (ISIS)، البروفيسور محمد فائز عبد الله، إن رئاسة ماليزيا حققت نجاحًا كبيرًا. متفقًا على أن ذلك قد مكّن آسيان من أن تكون صوتًا أكثر تأثيرًا على الساحة العالمية.

وفي حديثه مع برناما مؤخرًا، أشار فائز إلى أن آسيان، التي من المتوقع أن تصبح رابع أكبر كتلة اقتصادية في العالم بحلول عام 2030م، تمتلك الكتلة الحرجة الكافية لتأكيد وجودها إذا استمرت في التمسك بمبدأ المركزية والعمل الجماعي والمتماسك.

 

وقال: "من المبادئ الرئيسية الأخرى أن على الأعضاء دعم بعضهم البعض دون تهميش المحتاجين".

وأشار فائز إلى أن هذا يتماشى مع مفهوم "الترابط السيادي" الذي طرحه أنور إبراهيم.

قال رئيس الوزراء، خلال محاضرة ألقاها في جامعة /تيانجين/ بالصين في سبتمبر/أيلول، إن هذا النهج يبرز قدرة الدول على الاحتفاظ بسيادتها مع الحفاظ على انفتاحها على بعضها البعض في شراكات وتعاون لتعزيز الاستقرار والسلام العالميين، وبناء مستقبل مشترك أكثر مرونة.

وقال فائز: "الفكرة الأساسية هي أن أي دولة أو كتلة، مهما كان حجمها، يجب أن تشعر بالأمن وألا تتغلب عليها قوة أكبر اقتصاديًا أو عسكريًا. أعتقد أن هذا مبدأ رائع للحفاظ على الاستقرار على المدى الطويل".

مع سكان نابضين بالحياة وشباب واقتصاد قوي، فإن إمكانات آسيان بصفتها قوة اقتصادية واستراتيجية ناشئة هائلة.

ومع تقدمها، يجب على آسيان أن تواصل رسم مستقبل تحدده رؤاها وقيمها، وأن ترسم مصيرًا يعزز النمو والوحدة داخل المنطقة وخارجها.

تأسست آسيان في 8 أغسطس/آب 1967م، ونمت اليوم لتشمل بروناي وكمبوديا وإندونيسيا ولاوس وماليزيا وميانمار والفلبين وسنغافورة وتيمور الشرقية وتايلاند وفيتنام.

 

وكالة الأنباء الوطنية الماليزية - برناما//س.هـ