أخبار

دعم ماليزيا لغزة: قطرة في المحيط أم شريان حياة حيوي؟

07/02/2025 06:39 PM

بقلم «وونغ تشون واي»

رئيس مجلس الإدارة لوكالة الأنباء الوطنية الماليزية (برناما) 

 

كوالالمبور/ 7 فبراير/شباط //برناما//-- أثار إعلان رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم بشأن اعتزام ماليزيا بناء مستشفى ومدرسة ومسجد في غزة، ردود فعل مختلفة.

في حين أن هناك من يتخذ موقفًا أنه بإمكان ماليزيا القيام بهذه المبادرة في أرض تم تدميره بالكامل، يرى آخرون أن الأعمال الخيرية يجب أن تبدأ أولًا داخل البلاد.

وأشاروا إلى أن العديد من المدارس والمستشفيات، خاصة في المناطق الريفية، بحاجة ماسة إلى اهتمام فوري وأنها تستحق الأولوية على الفلسطينيين، لكننا في حاجة إلى التراجع خطوة إلى الوراء ونحن نناقش هذه المسألة من أجل الحصول على منظور أفضل للقضية.

في الحقيقة، لا يدرك الكثير من الماليزيين أنه في عام 2019م، لقد أنشأت ماليزيا مركز الدكتورة «سيتي حسمة» للعناية والعلاج الطبيعي، وهو منشأة طبية، في فلسطين، يقع في خان يونس جنوب غزة، وهو جهد تعاوني شارك فيه مؤسسة «بردانا» للسلام العالمي التي أسسها رئيس الوزراء السابق الدكتور مهاتير محمد، جنبًا إلى جنب مع منظمات غير حكومية ماليزية أخرى، حيث تم تصميم المرفق لتقديم خدمات العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل لسكان المنطقة.

لا شك أن المنشأة كانت فكرة نبيلة ولكنه بعد عام واحد، تم تدمير المركز بغارة جوية إسرائيلية، وللأسف الشديد كان يومه الذي لجأت فيه خمس عائلات فلسطينية إلى المنشأة بعد قصف منازلها، فلقي أربعة أفراد من هذه العائلات حتفهم.

وهناك أيضًا مستشفى إندونيسي في شمال غزة يستخدم لعلاج المرضى أو الجرحى، ولكنه تعطل عن الخدمة الآن.

بدأ بناء المستشفى في عام 2011م وافتتح أخيرًا في عام 2016م، حيث كلف المشروع 126 مليار روبية إندونيسية (34.25 مليون رنجيت ماليزي) وتم تمويله من قبل الشعب الإندونيسي وجمعية الصليب الأحمر الإندونيسي ومنظمة المحمدية.

وقتل ما لا يقل عن 12 شخصًا في نوفمبر/تشرين الثاني 2023م في الهجمات الإسرائيلية على المستشفى، وفي الشهر الماضي حاصر الجنود الإسرائيليون المستشفى، حيث لجأ العديد من الفلسطينيين النازحين وفقًا لقناة الجزيرة.

جدير بالذكر أن ماليزيا قد تبرعت بمبالغ ضخمة من المال، تصل إلى ملايين رنجيت، للمساعدة في إعادة بناء البوسنة والهرسك بعد حرب البوسنة (1992-1995م)، إذ قدمنا الغذاء والإمدادات الطبية والمساعدات المالية للاجئين والنازحين في البوسنة أثناء الحرب وما بعدها.

كما استثمرت ماليزيا في جهود إعادة الإعمار في البوسنة، بما في ذلك جهود البنية التحتية والاتصالات السلكية واللاسلكية والخدمات المصرفية، حيث ساعدنا في إعادة بناء الطرق والجسور والمباني التي دمرت خلال الحرب.

لقد أتيحت لي الفرصة للسفر مع الدكتور محاضير لرؤية الدمار الذي لحق بالبوسنة بعد فترة وجيزة من انتهاء الحرب.

لئلا ننسى أن الدكتور محاضير قدم كذلك منحًا دراسية للطلاب البوسنيين للدراسة في الجامعات الماليزية، الشيء الذي إذا فعلنا اليوم مع الطلبة للفلسطينيين، فسيكون هناك صرخة أخرى من بعض الناس.

فيجب على وزيرة التجارة الدولية والصناعة الماليزية السابقة رفيدة عزيز، التي كانت تنتقد خطط ماليزيا في غزة، أن تتذكر بالتأكيد مساعداتنا البالغة ملايين رنجيت للبوسنيين.

كما لعبنا دورنا في الدفاع عن المؤتمر الوطني الإفريقي ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، من المؤكد أن ماليزيا قدمت مساعدات مالية مباشرة لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي لدعم أنشطته السياسية والمقاومة.

مرة أخرى، قدمت ماليزيا أيضًا منحًا دراسية وفرصًا تعليمية لجنوب إفريقيا المتضررين من الفصل العنصري.

كنت حاضرًا في لوساكا، زامبيا، في عام 1990م ليشهد الدكتور محاضير، وهو الزعيم الوحيد غير الإفريقي، للترحيب بزعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الشهير، الراحل «نيلسون مانديلا»، بعد إطلاق سراحه.

إذن، لماذا يجب على دول بما في ذلك ماليزيا مساعدة غزة؟ هناك الكثير من الأسباب الإنسانية المقنعة، المتجذرة في حقوق الإنسان والقوانين الدولية والمسؤولية الأخلاقية البسيطة.

من المؤكد أننا بصفتنا بشرًا محترمين، لا يمكننا ألا نهتم بتقديم مساعدة لآلاف الأشخاص، بمن فيهم النساء والأطفال، الذين تضرروا من النزوح والإصابات وفقدان الأسر المباشرة وسبل العيش.

هؤلاء ليسوا من حماس بل لم يكونوا مقاتلين أو إرهابيين وإنما ببساطة إخوتنا.

هل فقد بعض منا قلوبهم وإحساسهم بمساعدة الناس؟

هل لديهم تحيزات ضد هؤلاء لأنهم مجرد مسلمين؟ فما بال العديد من الفلسطينيين المسيحيين؟

حتى أن هناك مستشفى معمداني عمره 140 عامًا قصفه الإسرائيليون مما أسفر عن مقتل أكثر من 500 شخص.

ينص القانون الدولي على وجه التحديد على أن المدنيين في مناطق النزاع يجب أن يتمكنوا من الوصول إلى المساعدات الإنسانية، لكن إسرائيل أعاقت تمامًا المساعدات الإنسانية لغزة، ويكافح الناس في غزة من أجل التعامل مع نظام الرعاية الصحية المدمر.

هذا ولا ننسى أن المشقة الشديدة واليأس يمكن أن يغذي التطرف بينما توفر المساعدات الإنسانية الأمل وتخلق الاستقرار.

تشجع جميع الأديان على أهمية مساعدة أولئك الذين يعانون من محنة. يتعلق الأمر بالحفاظ على أرواح البشر وكرامتهم، وتخفيف المعاناة والتمسك بالقيم الإنسانية الدولية.

إن تعهد ماليزيا ببناء مدرسة ومستشفى ومسجد في غزة، إذا تحقق، هو مجرد قطرة في المحيط.

نحن لا نتحدث عن إعادة بناء غزة بأكملها، ولن يكون من السهل حتى بناء هذه المشاريع الماليزية.

لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالفعل خطط للتخلص من الفلسطينيين وعلى حد تعبيره، "الاستيلاء على المكان"، وإنهاء أي آمال في إنشاء دولة فلسطينية، مما أثار فرحة إسرائيل.

 

وكالة الأنباء الوطنية الماليزية - برناما//ب.ع س.هـ